الجدار، الذي يُشار إليه غالبًا باسم الحاجز الفاصل أو السياج الأمني، لا يزال أحد أكثر الرموز إثارة للجدل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. بدأ بنائه في عام 2002، وكان الهدف المزعوم تعزيز الأمن لإسرائيل. ومع ذلك، بعد أكثر من عقدين من الزمن، عمق الجدار الانقسامات، وزاد من التحديات الإنسانية، وأثار إدانة دولية واسعة النطاق.
الوضع الحالي والأبعاد
حتى عام 2024، يمتد الجدار لأكثر من 700 كيلومتر، ويقطع بعمق الضفة الغربية في العديد من المناطق. فقط 20٪ من مسار الجدار يتوافق مع خط الهدنة الدولي المعترف به لعام 1949، أو "الخط الأخضر"، بينما يتعدى الـ80٪ المتبقية إلى الأراضي الفلسطينية. في أبعد نقاطه، يخترق الجدار ما يقرب من نصف عرض الضفة الغربية ليشمل كتل مستوطنات إسرائيلية رئيسية مثل أرييل ومعالي عدويم، مما يثير اتهامات بضم أراضٍ تحت ستار الأمن.
قام الجدار بفصل ما يقرب من 10٪ من أراضي الضفة الغربية بشكل فعلي ويؤثر مباشرة على ما يقرب من نصف مليون فلسطيني، وفقًا لـ B’Tselem، وهي منظمة حقوق إنسان إسرائيلية. يعيش 500,000 فلسطيني إضافي داخل كيلومتر واحد من الجدار، مما يواجهون اضطرابات مستمرة في حياتهم اليومية.
التأثيرات الإنسانية والاقتصادية
لدى الجدار تداعيات مدمرة على المجتمعات الفلسطينية، بما في ذلك الوصول المقيد إلى الرعاية الصحية والتعليم والعمل. يبرز مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) دور الجدار في تجزئة المجتمعات وتفكيك الاقتصادات المحلية النابضة بالحياة. غالبًا ما يُقطع المزارعون عن أراضيهم، ويواجه التجار حواجز لا يمكن التغلب عليها للوصول إلى الأسواق، وغالبًا ما لا يتمكن العمال من الوصول إلى وظائف في إسرائيل.
الرعاية الصحية
خلق الجدار حواجز كبيرة أمام الوصول إلى الخدمات الطبية. تم الإبلاغ عن آلاف الحوادث التي تأخرت أو مُنعت مرور المرضى في نقاط التفتيش، مما أدى إلى وفيات ومعاناة كان من الممكن تجنبها. غالبًا ما تعجز سيارات الإسعاف عن الوصول إلى المرضى، وأصبحت نقاط التفتيش مواقع لنتائج مأساوية، بما في ذلك الولادة والولادات الميتة.
التعليم
يواصل الجدار عرقلة الوصول إلى المدارس لعشرات الآلاف من الطلاب الفلسطينيين. يجب على أكثر من 170,000 طالب التنقل عبر حواجزه المادية والبيروقراطية يوميًا، مما يخلق ضغطًا هائلًا على نظام التعليم.
الركود الاقتصادي
شهدت المجتمعات الفلسطينية التي كانت تاريخيًا مزدهرة اقتصاداتها تدميرًا. أصبحت الأسواق التي كانت تخدم العملاء الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء مدن أشباح. أصبحت الموارد المائية والزراعية غير متاحة، مما ترك العديد من العائلات بدون سبل عيش مستدامة.
السياق القانوني والدولي
أعلنت محكمة العدل الدولية (ICJ) في رأيها الاستشاري لعام 2004 أن الجدار غير قانوني بموجب القانون الدولي، حيث يتم بناؤه على الأراضي الفلسطينية المحتلة. حكمت المحكمة بأن على إسرائيل وقف البناء، وتفكيك الجدار، وتقديم تعويضات عن الأضرار الناتجة. على الرغم من هذا الحكم، استمر البناء دون انقطاع.
في عام 2024، يؤكد الخبراء القانونيون الدوليون ومنظمات حقوق الإنسان أن الجدار يشكل ضمًا فعليًا للأراضي الفلسطينية. إن وجوده يعزز سيطرة إسرائيل على مناطق رئيسية من الضفة الغربية، مما يقوض جدوى حل الدولتين. لقد ثبتت صحة تحذيرات محكمة العدل الدولية بشأن إنشاء الجدار لـ "حقائق على الأرض" قد تصبح دائمة.
دعوات للعمل
لا يزال الجدار نقطة محورية للنشطاء الفلسطينيين والإسرائيليين والدوليين الذين يدعون إلى العدالة وحقوق الإنسان. تشمل المطالب الرئيسية ما يلي:
- تفكيك الجدار: تماشيًا مع حكم محكمة العدل الدولية، تستمر الدعوات لإسرائيل في تفكيك الجدار في الأراضي المحتلة وإعادة ترتيب أي تدابير أمنية مشروعة على طول الخط الأخضر.
- التمسك بالقانون الدولي: على الحكومات في جميع أنحاء العالم، وخاصة تلك التي هي أطراف في اتفاقية جنيف الرابعة، أن تتحمل التزامًا قانونيًا لضمان الامتثال للقانون الإنساني الدولي ومعارضة التدابير التي تعزز وجود الجدار.
- الإغاثة الإنسانية: يجب اتخاذ خطوات فورية لمعالجة تأثير الجدار على الرعاية الصحية والتعليم وسبل العيش للمجتمعات الفلسطينية المتضررة.