يواصل قطاع غزة الصراع مع أزمة إنسانية تتفاقم بسبب الاضطرابات السياسية والعقوبات الدولية والقيود النظامية. تسلط هذه القطعة الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه سكان غزة المدنيين، وتفحص العوامل الأساسية، وأدوار الفاعلين الدوليين، والحقائق المقلقة على الأرض.
الأسباب الجذرية للأزمة
تنبع الحالة المتدهورة في غزة بشكل أساسي من عاملين مترابطين: القيود الشديدة التي فرضتها إسرائيل والعقوبات الدولية التي تلت فوز حماس في الانتخابات عام 2006. الحصار، الذي يستمر الآن لأكثر من عقد، يقيّد تدفق السلع والخدمات والأشخاص إلى غزة وخارجها، مما يشل اقتصادها ويحد بشدة من الوصول إلى الموارد الأساسية مثل الغذاء والوقود والإمدادات الطبية.
في الوقت نفسه، فرض المجتمع الدولي، لا سيما الرباعية (الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وروسيا)، عقوبات صارمة، مما زاد من الأعباء التي تواجه سكان غزة. هذه الإجراءات، التي تهدف ظاهريًا إلى الضغط على حماس، أثرت بشكل غير متناسب على المدنيين، مما أدى إلى ما تصفه العديد من منظمات حقوق الإنسان بـ "العقاب الجماعي".
دور الاتحاد الأوروبي ومسؤوليته
لقد جذبت أفعال الاتحاد الأوروبي في هذه الأزمة انتقادات واسعة. بينما يدعو الاتحاد الأوروبي بشكل متكرر إلى الالتزام بمعايير حقوق الإنسان الدولية، فإن مشاركته في عقوبات الرباعية واستمراره في شراكته التجارية مع إسرائيل بموجب اتفاقية الاتحاد الأوروبي-إسرائيل للشراكة أثارت تساؤلات أخلاقية خطيرة. المادة 2 من هذه الاتفاقية تربط صراحة امتيازات التجارة باحترام حقوق الإنسان—ومع ذلك، فشل الاتحاد الأوروبي في تنفيذ هذا الحكم رغم التقارير المستمرة عن الانتهاكات.
هذا التناقض يقوض مصداقية الاتحاد الأوروبي كداعم لحقوق الإنسان ويسلط الضوء على تورطه في معاناة غزة. يجادل النقاد بأن موقفًا أكثر مبدأية، بما في ذلك تعليق مزايا التجارة حتى تمتثل إسرائيل للقانون الدولي، يمكن أن يضغط من أجل تغيير حقيقي.
التأثيرات المدمرة على الحياة اليومية
تأثير الحصار على البنية التحتية المدنية في غزة شديد ومتعدد الأوجه:
- انعدام الأمن الغذائي: وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، تُلبى احتياجات غزة من واردات الغذاء بنسبة 41% فقط، مما يترك جزءًا كبيرًا من السكان يعانون من سوء التغذية ويعتمدون على المساعدات.
- نقص الوقود والكهرباء: مع الانخفاض الحاد في واردات الوقود والكهرباء، تتعرض الخدمات العامة في غزة—بما في ذلك المستشفيات ومضخات المياه والنقل—إلى الانهيار. يفتقر ما يقرب من 225,000 مقيم إلى مياه شرب نظيفة بسبب مضخات غير وظيفية.
- أزمة الرعاية الصحية: تستنفد المرافق الطبية من الإمدادات الأساسية، حيث 91 من أصل 416 دواءً حرجًا غير متوفر تمامًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. تمنع القيود على السفر الطبي آلاف الأشخاص من البحث عن علاجات تنقذ حياتهم في الخارج.
- شلل اقتصادي: أدت قيود التجارة إلى تعليق مشاريع بناء بقيمة 160 مليون دولار وتعريض 120,000 وظيفة للخطر في مختلف القطاعات. تواجه الزراعة، التي تدعم 25% من سكان غزة، خسائر تصل إلى 50 مليون دولار هذا الموسم فقط بسبب صادراتها المحجوبة.
الاستجابة الدولية
كانت استجابة المجتمع الدولي لمعاناة غزة باردة على الأكثر. بينما أدانت منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش الحصار والعقوبات كانتهاكات للقانون الدولي، كانت الإجراءات الملموسة محدودة. نداءات لرفع إسرائيل قيودها ونداءات للرباعية لإعادة النظر في سياساتها لم تحظ بالاهتمام المطلوب.
نحو حل
يتطلب حل أزمة غزة نهجًا متعدد الأوجه:
- رفع الحصار: من الضروري رفع الحصار بشكل فوري وغير مشروط لاستعادة الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية.
- إعادة تقييم العقوبات: يجب على المجتمع الدولي إعادة النظر في نهجه تجاه العقوبات، مع التأكد من أنها تستهدف الفاعلين السياسيين بدلاً من المدنيين.
- المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان: يجب متابعة آليات لمساءلة المنتهكين، بما في ذلك تعليق امتيازات التجارة والإجراءات القانونية في المحاكم الدولية.
- المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار: إن زيادة المساعدات الإنسانية والاستثمار طويل الأمد في بنية غزة التحتية أمر حاسم لإعادة بناء اقتصادها ومجتمعها.